رشيد الحداد
الجمعة 23 أيار 2025
صنعاء | لا تواجه مدينة عدن والمدن الخارجة عن سيطرة حركة "أنصار الله" حرباً كما هي حال صنعاء، إلا أنها تعيش أزمات اقتصادية وإنسانية زادت تعقيداً منذ مطلع الشهر الجاري، ما دفع برئيس الحكومة في عدن، أحمد بن مبارك، إلى تقديم استقالته قبل 3 أسابيع، مبرّراً ذلك بالفشل في إدارة الوضع في تلك المحافظات نتيجة وجود مراكز قوى تمتلك نفوذاً يفوق نفوذ الحكومة.
وعلى الرغم من تعيين "المجلس الرئاسي" وزير المالية في حكومة عدن، سالم بن بريك، رئيساً جديداً للحكومة، إلا أن الأخير ينتظر منذ أسابيع في الرياض أي مساعدة مالية من المملكة، ولم يستطع العودة إلى عدن التي تشهد اضطرابات شعبية واسعة نتيجة انهيار الوضع الاقتصادي والمعيشي في المحافظات الجنوبية، واستمرار انهيار سعر صرف العملة المحلية وتدهور الخدمات العامة وعلى رأسها الكهرباء.
ويبدو، وفق المؤشرات، أن السعودية لن تستجيب لمطالب ابن بريك في المدى القريب، خاصة أن "مركز الإعلام الاقتصادي" التابع لحكومة عدن، حذّر من مغبة لجوئها إلى الإصدار النقدي التضخّمي لمواجهة العجز المالي.
وفشلت تلك الحكومة في إقناع البنك الدولي بمنحها قرضاً عاجلاً في نيسان الماضي، وهو ما أدّى إلى عودة مسلسل انهيار سعر صرف العملة المحلية، والتي تجاوزت سقف 2600 ريال للدولار الواحد مقابل استقرارها في مناطق سيطرة صنعاء عند 535 ريالاً، وإلى نزوح الآلاف من الأسر من مناطق سيطرة التحالف السعودي - الإماراتي، إلى المحافظات الواقعة تحت سيطرة "أنصار الله"، نتيجة عجز السلطات الموالية للتحالف عن تأمين القوت الأساسي بعد ارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى معدّلات تفوق قدراتها الشرائية.
ابن بريك يخشى الانتقال من الرياض إلى عدن
وفي الوقت الذي كان فيه المواطن في المحافظات الجنوبية يشكو انعدام الكهرباء في المناطق الساحلية خلال فصل الصيف الشديد الحرارة، فإنه وجد نفسه أمام أزمة خبز في عدن نتيجة ارتفاع أسعار القمح والدقيق إلى مستويات غير مسبوقة. وتناقل ناشطون مشاهد لاصطفاف عشرات المواطنين بجانب مخابز في المدينة في انتظار دورهم في شراء الخبز، بعدما فوجئ المواطنون بإعلان جمعية المخابز والأفران في المدينة رفع سعر قرص الخبز من 100 ريال إلى 125 ريالاً، وإرجاعها ذلك إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، خاصة مع تزايد أسعار الدقيق والوقود والمواد الأساسية الأخرى.
وضاعف هذا التطور موجة السخط الشعبي ضد حكومة عدن ودول التحالف السعودي - الإماراتي، والتي يتهمها أبناء المحافظات الجنوبية بالوقوف وراء الانهيار المعيشي والخدمي الذي يعيشونه، وهو ما يدفع إلى استمرار الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها عدن وتعز ولحج وأبين، خلال الأيام الماضية، ورفع فيها المحتجون شعارات مطالبة برحيل التحالف من جنوب اليمن.
وكانت عدن شهدت خلال الأيام الماضية، ما أُطلق عليها ثورة "النساء"، حيث قادت النساء تظاهرات عارمة عبّرن فيها عن رفضهن للانهيار الاقتصادي والمعيشي. وبعد ذلك، نظّم عشرات الآلاف من الرجال أيضاً تظاهرات غاضبة في المدينة، طالبوا فيها الحكومة والتحالف السعودي - الإماراتي بتوفير أدنى متطلبات الحياة من خدمات وصحّة وتعليم ووقف انهيار سعر صرف العملة.
وخلافاً لتوقّعاتهم، فوجئ المحتجون في عدن بإصدار السلطات الأمنية قراراً يقضي بحظر التظاهر ويتيح للجهات الأمنية اعتقال المحتجين واستخدام القوة لتفريقهم، ما ضاعف موجة السخط الشعبي لدى أبناء المحافظات الجنوبية، والذين ردّوا على هذا القرار بالتظاهر رجالاً ونساء في عدن والمحافظات الأخرى،
مردّدين شعارات مناهضة للتحالف والقوى الموالية له.
وأرجع أستاذ الاقتصاد في جامعة عدن، يوسف سعيد أحمد، في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، عجز السلطة عن القيام بأدنى واجباتها إلى مصادرة الموارد السيادية في كل المحافظات، وعدم توريدها إلى حساب الحكومة في بنك عدن.